responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 688
تَعَالَى بِتَكْوِينِ شَيْءٍ وَحُصُولِ الْمُكَوَّنِ عَقِبَ ذَلِكَ بِدُونِ مُهْلَةٍ بِتَوَجُّهِ الْآمِرِ لِلْمَأْمُورِ بِكَلِمَةِ الْأَمْرِ وَحُصُولِ امْتِثَالِهِ عَقِبَ ذَلِكَ لِأَنَّ تِلْكَ أَقْرَبُ الْحَالَاتِ الْمُتَعَارَفَةِ الَّتِي يُمْكِنُ التَّقْرِيبُ بِهَا فِي الْأُمُورِ الَّتِي لَا تَتَّسِعُ اللُّغَةُ لِلتَّعْبِيرِ عَنْهَا وَإِلَى نَحْوِ هَذَا مَالَ صَاحِبُ
«الْكَشَّافِ» وَنَظَرَهُ بِقَوْلِ أَبِي النَّجْمِ:
إِذْ قَالَتِ الْأَنْسَاعُ لِلْبَطْنِ الْحَقِ ... قُدُمًا فَآضَتْ كَالْفَنِيقِ الْمُحْنَقِ (1)
وَالَّذِي يُعَيِّنُ كَوْنَ هَذَا تَمْثِيلًا أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ خِطَابُ مَنْ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ بِأَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا فَلَيْسَ هَذَا التَّقْرِيرُ الصَّادِرُ مِنَ الزَّمَخْشَرِيِّ مَبْنِيًّا عَلَى مَنْعِ الْمُعْتَزِلَةِ قِيَامَ صِفَةِ الْكَلَامِ بِذَاتِهِ تَعَالَى إِذْ لَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يُلْجِئُهُمْ إِلَى اعْتِبَارِ قِيَامِ صِفَةِ الْكَلَامِ إِذْ كَانَ يُمْكِنُهُمْ تَأْوِيلُهُ بِمَا تَأَوَّلُوا بِهِ آيَاتٍ كَثِيرَةً وَلِذَلِكَ سَكَتَ عَنْهُ ابْنُ الْمُنِيرِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ ابْن عَطِيَّة.
[118]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَةٌ 118]
وَقالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (118)
عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً [الْبَقَرَة: 116] الْمَعْطُوفِ عَلَى قَوْلِهِ: وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى [الْبَقَرَة: 113] . لِمُنَاسَبَةِ اشْتِرَاكِ الْمُشْرِكِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي الْأَقْوَالِ وَالْعَقَائِدِ الضَّالَّةِ إِلَّا أَنَّهُ قَدَّمَ قَوْلَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي الْآيَةِ الْمَاضِيَةِ وَهِيَ وَقالَتِ الْيَهُودُ لأَنهم الَّذين ابتدأوا بِذَلِكَ أَيَّامَ مُجَادَلَتِهِمْ فِي تَفَاضُلِ أَدْيَانِهِمْ وَيَوْمَئِذٍ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْرِكِينَ مَا يُوجِبُ الِاشْتِغَالَ بِذَلِكَ إِلَى أَنْ جَاءَ الْإِسْلَامُ فَقَالُوا مِثْلَ قَوْلِ أَهْلِ الْكِتَابِ.
وَجَمَعَ الْكُلَّ فِي وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فَرِيقٌ مِنَ الثَّلَاثَةِ فِيهِ مُقْتَبَسًا مِنَ الْآخَرِ بل جَمِيعه ناشىء مِنَ الْغُلُوِّ فِي تَقْدِيسِ الْمَوْجُودَاتِ الْفَاضِلَةِ وَمَنْشَؤُهُ سُوءُ الْفَهْمِ فِي الْعَقِيدَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ مَأْخُوذَةً مِنْ كِتَابٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَنْشَأِ قَوْلُُِ

(1) الأنساع جمع نسع وَهُوَ الحزام الَّذِي يشد على بطن الرَّاحِلَة. وَمعنى قَوْلهَا للبطن ألحق أَنَّهَا شدت على الْبَطن حَتَّى ضمر الْبَطن والتحق بِالظّهْرِ. والقدم بِضَم الْقَاف وَضم الدَّال الْمُضِيّ سَرِيعا وسكنه للضَّرُورَة والفنيق الْفَحْل. والمحنق: الضامر.
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 688
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست